الاثنين، 1 أبريل 2013

الوجه والتلاشي


أحاولُ أن أذكرَ الوجهَ
لا أتيقنُ من لون ِ عينيك ِ
هل كانتا في سواد الدياجير أم في خضار الربيع ؟
وشعرُك ِ هل كان أفحمَ من حلكة الليل أم كان أطولَ ؟
هل كنت ِ سمراءَ مائلة ً للبياض ِ وفائرة َ الشوق
أم كنت ِ بيضاءَ مائلة ً للسمار ِ وفائرة َ الشوق ؟
أنسى كلامَ الوداع ِ
وماذا استطعتُ القيامَ به حينها
والدموعَ التي ربما سقطتْ
ربما مكثتْ في العيون ِ لأكثرَ من سنة ٍ
واستقرَّتْ لها لمعة ٌ تتمطَّى على رؤية ِ العين ِ
إني أحاولُ أن أتذكرَ بعض ِ تهاويم طفلين ِ لاذا ببعضهما
لستُ أذكر
إذ قلت ِ :- لنْ يبعدَ النصفُ عن نصفه ِ
لنْ يُفرَّق َ بين الأصابع ِ
بين العيون ِ التي شبَّكتْ هُدْبَها
واستراحت إلى قبلةٍ بينها
لن يُفرَّقَ بين القلوب التي ضمَّنتْ نبضَها
في مواثيق َ مقسمة ً
لستُ أذكرُ
إذ قلت ِ :- لا الموتُ
لا الناسُ والدهرُ
لا الجهلُ والفقرُ
لا شيءَ يجبرنا أن نخللَ بين تلاحمنا منفذا ً للوشاية
أو ملجأ ً للبعاد
ولا أتذكرُ أنَّ فتاة ً أتتْ قبلتني ، وقالتْ :- أحبُّكَ
ثم مضتْ
وصحوتُ على بعدها دونَ أنْ أتيقنَ
....
عمَّا قليل ٍ يحلُّ بيَ التعبُ الفوضويُّ
وأنسى الشوارعَ
أمشي بها دون ذكرى
وعند ممرِّ الحديقةِ ..أقطفُ وردتنا دون ذكرى
أعدُّ تويجاتها دون ذكرى
وفي ملتقى البحر .. أبني على الرمل قلبا
وأهدمه دون ذكرى
وأصعدُ في الحافلات
أريقُ عيوني على أوجهِ الناس
ألحظ ُ شابيَّن ِ يشتركان ِ بعينيهما في الحديث ِ
الفتى تستديرُ ذراعاهُ حولَ الفتاة ، ليحميَها
بينما كان يعلقُ في أذني ضحكة ٌ دون ذكرى
أحاولُ أن أذكرَ الوجهَ
لا أتيقنُ من حيوية تلك الملامح
أفقدُها
لا أنامُ على مسكها ، وأقومُ على مسكها
لا أذوقُ تناغمَها
لا أرتِّلُ بسماتها
لا أشاهدُها تنجلي أوتغيمُ
ويسحبُ عنها غلالتَها ذلك الشوق ُ
كيف أمَسُّك ِ ؟
لا أنتِ بائنة ٌ في الشطوط ، ولا طاعنٌ قاربي جبهة َ الموج ِ
كيف أراك ِ ؟
وعمَّا قليل ٍ سيحتدمُ السهوُ
إني أحاولُ أن أمسكَ الطيفُ
أحرسُهُ في جواري
يدا ً في يدي
وفما ً في فمي
طيلسانا ً على جلد قلبي
فضاءا ً لعصفور قلبي
وماءا ً لبيداء قلبي
أحاول..
قد ننتحي خلفَ باب ٍ
ونسرقُ .. نسرقُ..
نسرقُ.. حتى توقفنا التخمة ُ
الصبحُ يدهسُنا
تتخطفُ أعمالنا الطيرُ
يكشفنا الشجرُ المتعانق ُ
يقذفنا الموجُ للشاطئ
الناسُ تمضغ ُ أوقاتنا
إنني أستغيثُ بذاكرتي
وأحاولُ أن أحبسَ الجسدَ المتواثبَ بضعَ ثوان ٍ على ساعديَّ
وأجعلَ تلك الثواني مهيمنة ً
كي أزحزحَ ما بين عمري وعمري
وأضعَ الغزالَ الذي يشرئبُّ إلى جانب ِ الأسد ِ المستكين ِ الغرام ِ
لكي ترتقي هذه النظراتُ الحميمة ُ في سلم ِ الكون ِ
حتى تظلَّ بفتنتها ، وعريِّ حقيقتها ، وسذاجتها ، وتوحشها، وافتتان ذويها
لأبد الزمان وأبد الأحاسيس
إني أحاول ..
أن أتفيَّأ في ظلِّ عينيك ِ من شدة الهجر ِ
لا أستطيعُ
ولا أستطيعُ التماسك
كيف أمسُّك ِ؟
كيف أكونُ قريبا ً؟
لكي أتوحَّدَ في ذلك الصوتِ .. في ذلك الصمتِ
في لجَّةِ النار ِ..في مستوى الحبِّ
أعلى قليلا
على السقفِ
كيف أمسُّك ِ؟
كيف تكونُ الشبابيكُ مفتوحة ً كالعيون ؟
وهاتفُ قلبي يعاودُهُ كلَّ ثانية بانتظام ٍ رنينُ اتصالك ِ؟
كيف أكونُ بحضرة عينيكِ إن كنتُ وحدي يقاتلني الوجدُ ؟
لا
لست أذكر حتى على جهةِ الأغنيات ِ
جمالا ً عذابا ً شبيها ً بهذا
أوزع صوتي أمامي
ولا أجدُ الآنَ وجها ً شبيها ً بهذا
أحاولُ أن ألتقي صفحة ً أرَّختْ لغرام ٍ كهذا
تكونُ معينا على جلبِ وجهك ِ
ماذا أقول ؟..
وقد بتُّ في ثقة ٍ أن سمراءَ مائلة ً للبياض ِ وفائرة َ الشوق ِ
أو أنَّ بيضاءَ مائلة ً للسمار ِ وفائرة َ الشوق
لم تنغرسْ كنصال ٍ مسالمة ٍ في رئاتِ البنفسجْ
.....
.....
.....