الأحد، 23 نوفمبر 2008

شكرا على الحب يا رب (4)

(16)

ذاتَ أمسيةٍ لم يكنْ للفؤاد ِ سوى نبضهِ
ربما تركضين إليَّ على صهوة الليل
حين تمورُ الأعاصيرُ في رُدهةِ الروح ِ
تستيقظينَ من الحلم ذاكرة ً ذلك الشخصَ
يجمعُ في قلبهِ تمتماتِكِ
ينثرُ هيئته في بريدك ِ في كلِّ يوم ٍ
ويكتبُ للريح ِ عن مرأة ٍ خبَّأتْ في الغياباتِ ثورتها العاطفية
تستيقظين َ متيَّمة ً بشعاع ٍ على مدد الشوف ِ
يغسلُ جبهته في مياه ٍ ملوَّنةٍ بالحضور ِ
تعدِّينَ لي قهوة ً بالحليب ِ على شظيةٍ من حنيني
وتبتسمين
-ربيعٌ مُدَلَّى من البسمة ِ العسلية ِ يخطفُ مني عرائسَ روحي-
كحوريّة البحر
نجلسُ حول دلالاتنا
نتحاور
أيُّ الجهات مسافرة ٌ للحياة؟
نوزعُ أعضاءنا حولنا
رئة ً وعذابا هنا
رئة ً وعذابا هناك
وتستيقظين فلا تجدينَ السماءَ التي غرَّرتْ بالسنابل ِ
لن تستريحي لزرقتها
تلحظين مباشرة ً أنَّ بعض الهواء الذي فرَّ منكِ يطيرُ إليها
وبعضَ الهواء الذي عندها لا يعودُ إليكِ
فتلتفتينَ
لأيِّ الجهات ِ ستلتفتين َ مطالبة ً بي؟
أنا دائمُ الطفو حولكِ في عالم الذرِّ
حاضرة ٌ غيبتي ، وطيوفي محاصرة ٌ
تبحرين إلى جهة ٍ قد أكون بها
بينما أبحرُ الآن منها إلى جهةٍ قد تكونين فيها
كدائرة ٍ حول دائرة ٍ
كالمصير ِ الذي يكسرُ الصَّقلَ ، يفصلُ بين الوجوهِ وصورتها
ذات أمسية ٍ
ربما تجلسين على مهل ٍ تمسحين مسوَّدة َ الروح ِ من شخبطاتي
مخبأة ً صفحة َ الدمع في كمِّ جلبابك ِ المنزليِّ
وبالكاد ِ تستحوذينَ على نفس ٍ
بينما أجمعُ الوردَ في سلةِ القلب ِ
أتركه كي يجفَّ
وأتركني لاعتقالك ِ
أجرحني
وأضمدني بالأريج
وأبكي على مهل ٍ
وأسافرُ ثانية ً
....
رُبَّما

....



(17)

أتسللُ من مستطيل ٍ إلى مستطيل ٍ
أثبِّتُ في مِعطفِ الشمس ِ لو جسدا من خرافاتِ يوم ٍ تأجَّلَ
أنمو علانية ً
ربما يصلحُ الدمُ في مرَّة ٍ للوضوء ِ
ولو كان في الموت ِ ما كان
هل تعلمينَ التخاطرَ ؟
مثلَ الفناء ِ القديم ِ الذي تلعبُ الروحَ فيهِ ألاعيبَ محزنة ً
أو تغني وراءَ الجدار ِ التماسيحُ أغنية َ الجوع ِ
حين تكاشِفنا الأرضُ عن عفن ٍ رائق ٍ
نتفرقُ
ندخلُ في رحم ِ الأرض ِ مثلَ يرابيعَ
يخطفنا الطين ُ بين مخالبهِ
فنقهقهُ لليأس ِ
أو نرفعُ البسملات ِ بلا عمد ٍ
ثم نخرجُ للأرض ِ مثل يرابيعَ
لا يتلفُ الزرعَ إلا توالدُنا
هل تخالينَ أني مفارقَ تلك التعاويذ ؟
أو أنَّ "عبدَ الصبور " و "إليوتْ " يحلونَ في غضبي؟
للبعاد ِ اقترابٌ وأضحية ٌ
ومصابيحُ للقلب ِ لو أغمضَ العصرُ
من قال لي (لغة العشق ليس بها ربما )**...؟

....


(18)

آسفٌ لاتصال الحديث ِ
قد انفرطتْ جنة ٌ في فمي
فخُذيها

....


(19)

كلُّ آن ٍ ثقيلٌ بما فيهِ
يحيا بمفردهِ ، ويموت بمفردهِ
والحياة ُ على رسلها
أتهادى غريبا
وتمشينَ في غربتي مثل أغنيةِ من بعيد ٍ
لطيفٌ ثواؤك في البعد ِ والقرب ِ
إذ تتماهين فيَّ
وإذ تكتبين حياتي على رسلها
بالتوازي مع النهر والناس والبدء والمنتهى
كلُّ آن يقوقعُ روحي على مِسكها
ويخبِّئُ عنها قذاراتِ خارجها
أتشكلُ في شبهِ قوس ٍ .... وأمضي
كلوح ٍ على الماء ، أو كتلةٍ من سحاب ٍ على الريح
أيتها المستحيلة ُ
سابلة ُ القلب يفتقدون الشوارعَ ، والخطواتِ الخفيفة َ في الليل
أخطو ... ولا أتجاوز خطوي
أخط ُّ ، وأمحو
وتمضي حياتي على رسلها
أتهادي غريبا
... كأني
كأني غريب

....

(20)


القصيدة ُ مشروحة ٌ كلها في الهوامش
والنصُّ مختصَرٌ بابتذال ٍ فقط
ما يقولُ "المعري" إذا ما رأى" كونداليزا" ؟
وماذا تقولين عني لنفسك ؟
هل لن تكوني حيادية مطلقا ؟
كلُّ ناحيةٍ تخلعُ الشخصَ مثل الثياب ِ المدنسة ِ
الآنَ روحي تصفقُ في رغوة ِ المَغسلة

....
** لغة العشق لا تحوي كلمة ربما ... أحمد الشهاوي


السبت، 15 نوفمبر 2008

شكرا على الحب يا رب (3)

(11)

إنه النصُّ
يتبعني ، فأتابعه
ثم أتبعُه ، فيتابعني
يشبهُ النصُّ آنية الروح
أشربُ رحلتهُ
وأرصُّ على نصفِ أوبتِهِ نصفَ أوردتي
أتوكَّا عليه
أهشُّ بهِ في الحصار على جسدي
كانت الأرضُ تكسرُني قبله
صرتُ أحملها -أين كنتُ- وتحملني
قد أصارعُها
أعقد الضاد في ألفي
وأخبِّئ نقطتها في لعابي
وللأرض عندي نصيبٌ من الأرق المتكلس
للنصِّ أرضٌ
وللأرض نصٌّ
وللفقراء وسائلهم
أنتِ لا تملكين الوسيلة
أنت تجدِّين في السير
لا تعبأين بأعمدة الكهرباء
ولا بنسيم ِ الغواية
فاعْتقدَ النصُّ في سُنَّةِ النبع ِ فرضَ اليباب
وأسفرَ عن بَدَهات ِ التسكّع
....
(12)

لسليمانَ وجهٌ ، لبلقيسَ مرآتُه
جسدي منه ينزلُ وجهٌ لناصية الليل
يبحثُ عن وطن ٍ تحت شرفتها
يتدلى من القلبِ مثل انتحار ٍ
حريٌّ بيَ الآن أن أتوضأ
كي لا أرى سطوة ً لأريجَ ، وحربا بروحي
حريٌّ بيَ الآن أن أطلبَ العرشَ
أو أقتلَ الهدهدَ المتأخر
هل للمرايا إذن أن تدورَ؟
ويصبحَ وجهي قبالة وجهي مباشرة ً؟
ثم يبقى سؤالٌ على وشكٍ
كيف يبصرُ أحمدُ وجهَ سليمانَ في بُعده ، وأريجُ تخبِّئُ مرآة َ بلقيس ؟
....
(13)

بيدي ...أعجنُ الشوقَ في دمعةِ الروح
لا بيديك ِ
وأعترفُ الآنَ أنَّ المواسمَ نائية ٌ
والسنينَ عِجافٌ
أقولُ :- لماذا تبرَّجَ للنصِّ قلبي؟
ومن ملأ الروحَ بالسرِّ من غير أن يتأكدَ من قاعِها المتشرِّخ؟
يا ليتَ لم تصمتي
فجأة ً هطل الليلُ في منتهى بصري دون أدنى اهتمام ٍ
ألمْ تشعري بالذي تركَ البوحُ أو أخذ الصمتُ ؟
من لا يحاولُ أن يقذفَ الشمسَ في نوبةٍ من سعال ٍ ؟
وأن يجذبَ الناسَ من سيرهم كي يبالوا قليلا ً بتغيير لون الشتاء الطبيعيِّ ؟
من لا يحاولُ أن يصنع الشعرَ ، والوطن البرزخي
وأن يصنع المرأة المستحيلة ؟
لا تعذريني
-إذا شئتِ -
عادي مخاضَ القصيدة
لا تقبلي بحضانة ذاكرتي
طرزيني على لحظةٍ من خفاءِ البنفسج ِ
وابتهلي أن أنامَ على السطر يوما
أنا الآن أجلسُ في الريح
روحي على سفر ٍ
والمدائن ُ لا تصطفيني
لماذا تظلين غائبة ً هكذا؟
....

(14)


لثلاثةِ أيامنا شمسُهم
وطقوسٌ مغايرة ٌ للنهار
-الشروقُ الذي يتدله خلف الكلام
-الضحى المستجمُّ
-الظهيرة ُ تفركُ وجنتَها بأكاليل أرصفةِ السنوات
-المساءُ تمطى على هامش ِ الصفحات ِ الأخيرة ِ
-كنتُ تماثلتُ للبوح
أكتبُ :- مشكاتها في المآتم عندي
وتحكين فقدانك العبقريَّ لأزمنة القرب
ما زلتِ تأتلقين كجذوة أولى محبَّاتنا
تصبحين على الليل ِ
تعتقلين ِ المدى
تصعدين َ السلالمَ نحو السماء
تشعِّين
حتى النيام تنيرين أحلامَهم عُنوة ً
هل أتيتِ لكي ترحلي ؟
سفري لا يغيبُ
وما البعدُ إلا عناقك ِ للبعد ِ
مابيننا ساعة ٌ من نهار ٍ
ودهرٌ من البعد ِ أنتِ ابتدعتِ



....

(15)

هذه لغة ٌ في المصائر
تستوعبُ الماءَ والجسدَ الفرْدَ
توشكُ أن تتدثر بالموج
أو أن تغوصَ لغابرها الوحدوي
تسيرُ القصيدة ُ في بحرها العَرَضيِّ
تمرُّ على جزر ٍ من خيال ٍ ، هياكلها من حضور ٍ
فتخطفُ تفعيلة َ الظلِّ في سرِّها
تدركُ الوقتَ في هيئةٍ بين فجْأتهِ ، واندهاش ِ المضارع ِ
هل للقصيدة ِ من حالة ٍ لا تخوضين فيها ، وتحتفلين بمولدها ؟
للقصيدة ِ حيِّزُها في الكتاب
لها أن تعومَ فقط
ثم ترسو إذا رحلَ الماءُ
ُ
-ليس لها في مكان ِ ولا في زمان ِ الرسوِّ المشيئة ُ-
مثل سفينةِ نوح ٍ
فمن -حين يتسخُ البيتُ- تغسله بالأريج
إذا قدَّر اللهُ يوما لخاتمةِ النصِّ أخرى؟

....


السبت، 1 نوفمبر 2008

يدي عندها منزلٌ في يديك ِ ولا شكَّ


لحظة ٌ أو أقلُّ وعادتْ يدي
بعدما جلستْ في يديك ِ
وقالتْ وخفّتْ وبدَّلت ِ السوسنات ِ
وطارتْ من الفرحةِ
-الأمرُ كان كفيلم ٍ قديم ٍ تعوّدَ أن يسخرَ الناسُ منهُ علانية ً
بينما يحلمونَ بأبطالهِ في الخفاء-
وميمُك ِ كانت تسِرُّ لميمي بأنهما دبلتان
تماما كدائرتين يطوفان بين الشوارع والبحر
هذا وكنتُ أرقمُ أحلامَ روحي من الألفِ للأوّل ِ
الشعرَ
أنتِ
وأنتِ
وأنتِ
وآخذ ُ باليَ منكِ وأنتِ تنامينَ
مني أنا وأنا نائمٌ
من كلينا ونحنُ على الأرض ، أو في هناك الذي يملأ الكون
من مطر القلب حط َّ على جسدي فارتعشتُ
ألملمُ من جسدي دمعَهُ في بريد ٍ أسمِّيهِ كأسي
وفي لحظةٍ أو أقلَّ أمدُّ الحمامَ إلى شفتيك ِ ، وكأسي يرفرفُ
هذا
وكانتْ توقفت ِ الحافلاتُ يحدِّقن بي وأنا عابرٌ بالمصابيح
في لحظةٍ أو أقلَّ تنامتْ يدي فوق رأسي تعلقُ أهدابهم في الأصابع
جالسة ً في يديك ِ تطيرُ
أنا عالقٌ هكذا في الطريق
أرى ما أرى ، وأصفِّي أحاديثنا من غبار الوداع إلى أن تتمَّ لنا لحظتان بأسرهما
فنودُّ لو الروحُ أرْختْ زعانفها واستراحتْ من الموج
أو أكملتْ شِعرها لتصيحَ
تصيحَ كأنَّ الجمالَ بها
أو يدَ الله تنفخُ فيها
وفي لحظةٍ أو أقلَّ خطفتُ دمي من أمام الشوائب
فانتفخَ الوقتُ عند ظهور الملامح كاملة ً في بريدي
وضاعتْ على الليل ِ تذكرة ُ الحفل
في لحظةٍ أو أقلَّ
يدي عندها منزلٌ في يديك ِ ولا شكَّ
فانتبهي أن يدمِّرَهُ في غيابي مصافحة ُ الآخرين
يدي أوقدتْ نفسها
وتذوبُ إذا مرَّ مِسكٌ عليها مقدمة ً ليديك ِ
وتروي بنصف ِ ابتسامتها شفة ً بين إبهامها والفراغ ِ الذي فيه كفُّك ِ
أما عن الحافلاتِ التي صعدتْ ذلك المنحنى
فتدلتْ على طرفهِ دون أدنى سكوتٍ لأصحابها
ورأى النائمون شرودا كثيرا بأطباقهِ في يديهم
وظلوا وهمْ هكذا ينظرون بأفواههم مرتين لنصف الحقيقة
في لحظةٍ أو أقلَّ
تجمّعَ في جسدي طائرٌ وحديقتهُ وخريفٌ وطائرتان وبضعُ دقائقَ
عادتْ يدي بعدما علِقتْ في يديك كسلسلة ٍ
واستمرَّتْ شهيّتُها في الكتابة والرسم مفتوحة ً كفناء ٍ لطفلين ِ وحدهما لمْ يملا من الجري بعدُ
يدي صُحبة ٌ ، وندائي كريمٌ
أراقبها في المنام إذا أسقطتْ دلوَها في يديك ِ ليخرجَ بالكلمات الصَّبوح
فتأخذها كالأجنّةِ في رحِم الحُلم
والحلمُ بحرٌ كذلك
لو مسَّهُ جسدي لاستغاثَ من الشوق ِ بالنائمين ْ
...
...