السبت، 20 ديسمبر 2008

معاذ


رآني خارجا ً للتوِّ من بابِ القصيدة
في يدي سكينة ٌ مسنونة ٌ جرَّبْتُ فيها قشرَ روحي الداخليَّ
وفي كلامي منظرٌ مما يراهُ النائمون ، فيسعلونَ من اشتياق خيالهم
وعلى ذهولي علق الموتى بقايا موتهم ، وترجَّلوا في المستحيل
وكنتُ لا أدري تماما أين أغراضي
ولا أدري كأيِّ رصاصةٍ أبدو أنا
كنتُ الذي لا وقتَ يصطادُ الهواءَ من الهواء
فتختفي رئتاهُ في السردابِ تبحثُ عن خيال الأوكسجين
لذا تعلمَ أن يمدَّ يديه لي
ولذا تعلمتُ الذي لا بدَّ منه لكي نكونَ حمامتين
...
معاذ ُ هذا صاحبي الروحيُّ
أكثرُ من غيابي أو حضوري
يستطيعُ إذا بكى أن يستقرَّ الماءُ في بحر ٍ كبير ٍ
أن تنامَ الغربة ُ المسكينة ُ العرجاءُ في كهف ٍ لتعرفَ نفسها
وإذا بكى علمتُ وجهي أن يحبَّ دموعَهَ
ويقرَّ أنَّ العينَ ترصدُ قطعتين ِ على الأقلِّ من الموسيقى كي ترى باب القصيدة
إنه لم يبكِ إلا مرَّة ً
وبكى بدون ِ تشنج ٍ ، وكأنه يعلو
لذا أبقيتُ صوتي مُحْرَجا ً مهما اتَّصلتُ به وقلتُ : أنا معي
...
لا شيءَ يحذو حذوَ روحي كاملا ً حتى إشاراتِ المرور
لعله الحزنُ الذي ثبَّتُهُ في جسمها بعد الجراحات الكثيرة
لم يكدْ يمشي معي حتى تعلمتِ المدينة ُ نيلها
وتنبَّأ الكورنيشُ بالنصِّ الجديدِ
معي يدانا الأيمنان ِ إذا كتبتُ
ودهشة ٌ أولى لمن يروي عليَّ نسورَ قلبي في النشيد الأوليِّ
نشيد ِ بنت ٍ لا تمرُّ على الحياة سوى بعينيها ولثغةِ شوقها
نفَس ٍ غريب ٍ ينتمي لي
وأنا أنا ، لو مرَّ بي سيفٌ وقطعني لما اهتزَّ النشيدُ
ولا تقطعَ في الصهيل ِ حصانُ روحي
...
هكذا هو لي أخي وأخي
يرى شعري ونحنُ على الحياد من البراءة
بين كشكولي وبحرُ اسْكندريَّة َ خطوتان ِ
جذبتُ واحدة ً إليَّ ، وبي حنينٌ دائمٌ أن تسقط َ الأخرى
ولم يعرفْ بحالي مرَّة ً بلْ مرتين ِ
هو الحقيقة أولا
وأنا الظلالُ
سيعرفُ المانجو على شجر ِ الطريق بأنَّهُ الطوافُ بي
ويحبني لو حط َّ في بنتٍ من الترحال ِ
لو أسمعتُهُ شعرا قديما قبل رحلتهِ إليها
...
هكذا هو لي كدرع ٍ حين لا أحمي سكوتي من دخول ٍ في الوداع
أرى النهايات ِ الوحيدة َ في دمي تجري كنايات ٍ على الأسفلت
كلُّ نهاية ٍ بالضبط ِ تعزفُ لحنها الصافي متى اصْطدمتْ
أقولُ لنا : إنَّ السعادة َ خاطرٌ لم نستعدَّ لهُ ولم نحفرْ لهُ مجراهُ بعدُ
برغم ِ كلِّ سعادتي لو قلتَ لي خيطا ً يمرُّ بخاطري
...
قلبُ الحمامة خائفٌ من حلمها
والكلُّ أعضاءٌ لها
كأسي يمرُّ بخانتين ِ من الفراغ ِ
ويسكبُ الأثرَ ال يجفُّ على الطريق
معاذ ُ يكشفني إذا خبَّأتُ نفسي اللولبية َ في صناديق المدينة ِ
قائلا : أنتَ الذي أظهرتَ نفسكَ يا حبيبي
يا حبيبي
ثم يمشي تاركا ً أثرَ البيانو بعدما يلغي الصدى حدسَ الحواس
...
أحبهُ
هذا تمامٌ في تمام ِ سجيتي
علمٌ على رأسي ، وأمرٌ في يدي
تفاحة ٌ مضبوطة ٌ بالشكل والمعنى
خريفٌ رائعٌ للبحر ِ والأسماك ِ
صوتٌ للحمامة ِ لو أصابتها الرياحُ ببحَّة ِ الطيران
موجودٌ تماما كي يكونَ جَناحها وهديلها
وهو البنفسجُ كلهُ
لا تحتويه النظرة ُ الأولى ولا الأخرى
برغم كلامها عن جودة ِ اللوحات ِ في عينيه ِ
...
لا أعني الذهابَ المحضَ في روحي
إلى بئر حقيقيٍّ ولا فوضي
أنا وحدي جلستُ إليهِ
مسكونا بهاجس ِ أنني كذبابة ِ المعنى أتوقُ إلى المذاق ِ الحلو ِ لي
لا أنني أتلفتُ نفسي حين كنتُ على المحكِّ
معاذ ُ يفهمُ أنني مَرْضَى بداء ٍ واحد ٍ
ويقولُ لي : أنتَ الصحيحُ ، فلا تخفْ
لو كنتُ مثلَ كلامهِ لوصلتُ لي
وعرفتني من وهلةٍ أولى
...
أنا عَرَضٌ لهُ
سرعانَ ما يسري عليَّ الأمرُ
أبدأ ُ في الكتابة ِ عاريا ً مني
إذا ما مرَّ بي سيفٌ وقطعني
سأصنعُ قهوتي لينالَ منها رشفتين ِ
وهكذا بالقطع ِ
لا اهتزَّ النشيدُ من البكاء ِ
ولا تقطعَ في الصهيل ِ حصانُ روحي
...

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

الأغاني


-أحماااااااااااااااااااااااااااااااد
هل رأيتَ البعاااادْ ؟
...أنتِ
افتحي اللحظاتِ على جهتي
جهتي : حيثُ لا مستحيلَ استعدَّ لمعركةِ الممكن ِ
الشمسُ عارضة ٌ لاصطدام الحنين بها
والنهارُ خليط ٌ من الخوف والكهرباء
الثواني تكرِّسُ بلطجة َ الوقت ِ
لا رصدَ
لا رصدَ لي ، لا عباءة َ
والريح ُ سبعة ُ أضعاف ِ يومي
يميني : الشوارعُ بين المحاطين بالبعد
أوردة ٌ ليسَ فيها الدماءُ
ولا تحملُ الماءَ والأكسجينَ
يساري : البيوتُ مخرَّمة ٌ بأزيز ِ الإطارات ِ والليل
لا فوقَ ، لا تحتَ
إلا الدهانُ الذي يتساقط ُ مني على الفور
والزيتُ والجيرُ
ثم جدارٌ جدارٌ
وأنتِ
...
وأنتِ
اسمعي
" أنا قلبي ليه حاسس أوي بالشكل دة "

واسمعي
"لما النسيم بيعدي بين شعرك حبيبتي باسمعه
بيقول آهات "
... -أحماااااااااااااااااااااااااااااد
هل رأيتَ البعااااااااااادْ ؟
...
أنتِ
لا تتركيني كذلك
واصطدمي بي في الهواء
لنسقط في جسد ٍ/غرفة ٍ/منزل ٍ/قرية ٍ/وطن ٍ/عالم ٍ واحد ٍ
أو لنصعدَ في عالم ٍ/وطن ٍ/قرية ٍ/منزل ٍ/غرفة ٍ/جسد ٍ واحد
فالفواصلُ تملأ جوفَ المسافة بين المحاطين بالبعد
والنومُ – بالذات - يقتل جزءا من اليوم والليلة
الحرُّ –بالذات - يقتل جزءا من اليوم والليلة
الحبُّ
- هذا الذي يتكونُ من سهر ٍ ساذج ٍ ، ونسيم ٍ عبيط ٍ
وهذا الذي يتكاسلُ عن واجبات ِ الكآبة –
-بالذات –

يخلقُ نوعا ً غريبا ً
من البشر القادرين على السير فوق الحياة ِ...
-نعمْ ، قد رأيتُ البعادَ
يكسِّرُ – عمدا - ألاعيبَ طفل ٍ بعيد ٍ
يقولُ لي الحلمُ : حتما سيأتي
ونحسبُ : كم خطوة ً تتبقى عليه ؟
-الجهادُ
-الرجوعُ
-الزواج ُ
- السلامة ُ
-والحبُّ
كم صالحا ً كنتُ حتى أتى الطفلُ
حتى جعلتُ له لعبة ً ويدين ِ
وعلمتهُ كيفَ ظلَّ البعادُ رفيقَ أبيهِ
وكيف تسلقتُهُ
كم مسالمة ً كنت ِ حتى تعلمَ منك ِ القصاصَ للعبتهِ
...

أنت
غني
"بعت لي نظرة "
سأبعثُ – في الآن - سربا ً
يطيرُ من الخفق ِ للخفق ِ
سرا
لألا تطولَ يدُ البعد أجنحة ً تحملُ النظرات ِ
محاذرة ً في الهواء
لألا تثيرَ العواصف َ
أو يستدلَّ عليها الضبابُ
ويقطعَ سَلسَلة َ الرؤية ِ
النظراتُ تمرُّ ، وأنت تغنينَ
تغدو السماءُ ملائمة ً فجأة ً للجموح ِ
وينهدُّ سورُ المسافات ِ
طارت فواصلنا ، ورقصنا قريبين ِ
" من غرام الشوق جوانا
نسينا مين سهران ويانا "
...
- أحماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااد
- نعم يا حبيبة َ أحمد

...

الأربعاء، 10 ديسمبر 2008

عطش ٌ لريال ٍ واحد

(1)
التعبُ الجالسُ بين عيوني مبهورٌ بظلال المارين أمام النافذة المعقوفة
يلقي النارنجَ لهم في نصف الشارع كي ينتبهوا للرائحة البردانة وهي تعومُ وتقطعُ ألسنة القطط فتخمشُ من غير مواء ٍ وتلدُ من غير مخاض
حتى تهربَ شمسٌ من كل ثلاثةِ أيام ٍ في قلب الفرعون لتُسقط في لقطات ٍ متتابعة ٍ كلَّ الأصوات المسجونة من قبلُ
هنالك في السكة ، كان التعبُ الجالسُ يجري بين العين الأولى والثانية على استحياء ٍ أن يكشطه النومُ فيدخلَ في الأحلام ويرهق َ كفَّ القلم الأزرق
من ثَمَّ يرى الحزنُ ملائكة ً في الغربة في أرجلهم عطشٌ لريال ٍ واحد
(2)
المارّون الأحبابُ يزيدون عن اللازم مما يجعلُ من شطبِ الفعل ِ من الجملة ِ إحدى تنويعات الشعر
وهم لا يختلفون كثيرا عن أي مجاز ٍ يبدأ في الرسم على الحائط أعمالا كالحَفر وما شابه
صدقها القراءُ على الفور ، فخرَّ البيتُ
وما فعلوا إلا أن ظنوه سجودا ، فارتعشوا
(3)
ما كان على المارين الأعداء سوى أن ينكشفوا فأرى أنيابهم المسنونة تلمع تحت القمر التامّ فأعطيهم كلَّ دمي لأرافقهم بعد دقائق
هذا كان سبيلي كي أرحل معهم
لم يحدثْ شيءٌ من هذا ، إلا أني للآن على سفر ٍ وحدي
....

الأربعاء، 3 ديسمبر 2008

شكرا على الحب يا رب (5)

(21)

دون أدنى حقائقَ
أعزو إليكِ تضاريس جهلي
ومن غير ذاكرة ٍ أغرسُ الشوق
ذلك أنَّ الخرائط َ مغلقة ٌ
والطريقة مشحونة بالصحاري
أقول:- الحرافيش يحتملون المحبة

والنهرُ يستخدمُ النهرَ
سرعان ما يلتوي المستطيلُ
ويغدو المحبون شرذمة لا يكلون في موتهم
للكتابةِ سطوتها ، ولقلبي دواة ٌ
فماذا يدور بساقية الروح ؟
ما تفعلُ السنبلاتُ بقلبي ؟
أنط ُّ ، وما من سماءٍ تصادفني
أدخلُ الآن في الماء ، والنارُ ترشفني
مثل قنينةٍ
والهواءُ شحيحٌ
إذن للكتابة سطوتها ، ولقلبي دواة
فهل تسمحين ... ؟
إذا كنت أنتِ التي في الغياب الحضورَ
وأنتِ التي في الحضور الغيابَ
فترجمة النصِّ تحتاجُ بعض الهدوء
....

(22)

ما الحنين ُ بتاجْ
قيسُ ضاق به الحبُّ
وانغلقتْ في وجوهِ المريد الفجاجْ
ليس ينفعُهُ أن يسمّوه أسطورة ً
حين يحكي أصابعَه للسماء-البيوت-الرمال-الرشا والنعاج
لستُ قيسَ أنا
ليس ثمَّة روح تعاني
ولا ثمَّ قلب يُعَذب
غيرَ قواريرَ تسقط ُ واحدة تلو أخرى
وأخشى كثيرا شظايا الزجاجْ
....

(23)


الأريجُ -الذي واعدَ القلبَ في مرة دون وعد ٍ ، وأشعل في جسدي عطره- أطرقَ
اليوم في خجل السهو ، واستصعب المستحيل
السماءُ -التي حدثتني عن امرأة ٍ تجدلُ الفيضَ بين ضفائرها ، وتعطر أشياءها
بشذور الندى- أطلقتْ في الغناء ِ طواويسَ غربتها
ورمتني بذاكرة ٍ كالمسامير ،
هذا الأريجُ أسامحه
والسماءُ أسامحها
- ربما بعد حين سأعلن أن حبيبتي الدولة**
الآن أعتزلُ الحب حتى تزول
الكراهية المستمرة -
كيف تمسّين جلدي بتلك الطريقة ؟
هل تنبشين المسام ؟
....فأين المسافات
أين المسافات يا أيها الوهم ؟
هل لي بثانية تتركين الأصابع في قمة الحزن
وحدي
بدونك
في غربتين***
؟؟؟؟؟؟؟؟
....

(24)

ما الذي لا تريدُ الحداثة ُ مني ؟
وماذا تريدينَ من جسد ٍ ضيّق ٍ لا يطير ؟
مشتْ في الهزائم ِ لؤلؤة ُ القلب
مائلة ً للشحوب ِ
مغادرة ً رحلة َ البحر ِ
تعرجُ بين السماوات والأرض
هلْ أوغلتْ ساقها في السراب ؟
أم انشغلَ الدربُ عنها بأقدام شرذمةٍ آخرين ؟
فلا تغمضي العقل
لا تحلمي
فالكوابيسُ حاضرة ٌ
والملامحُ منساقة للرحيل
فهل جسدي قد أصاب الحقيقة ؟
أم قد أصابته غمّازة البنت ؟
ماذا تريد البلادُ الخبيثة ؟
ماذا تريد البلادُ الغبية ؟
شمسٌ بقلبي تنحّتْ لشمس الظلام
ومرثية ُ الماء أوشك ترياقها أن يصيبَ الحرائق
: هذا هو المشهد الآن
ذاك رفاتي يغوصُ بلا نزق ٍ ، أو هوان ٍ على الناس -
تلك يداي مكبّلتان إلى خلف غيري-
....

(25)

هذه القبّرات الكريمة تفقد بعض العواطف
حين تقرر أن تصدحَ البعدَ
أو يتفتتَ هاجسُها الخشبيُّ
أبَتْ أن تطيرَ الشتاءاتُ
أو تتحاشدَ بالقبرات الكريمة في أفق ِ سيدة ٍ
غير ِ سيدة ٍ أكلتْ ، ومشتْ ، واستراحتْ ، ولم تعرف ِ الجوعَ
.... يا أيها ال
لا تُقبِّلْ جنونكَ
مثل البدين الذي يأكلُ الدهنَ ، والنشوياتِ ، والسكرياتِ ، والموتَ
أنتِ -أيا أنتِ- يا مِعصمَ الروح
أنتِ
ومعصومة َ الروح ِ من سريان الخبيئةِ كالومض ِ
هاك ِ السماءَ
وهاكِ الغناءَ
وهاكِ السكاكينَ للقبراتِ
ورصّي الجميعَ إلى شاشة العرض
قد بدأ الآن وجهٌ تسوَّلَ
أو حفنة ٌ من رجال ٍ يلفون حولي
ولا يلبسون جسوما ولا شطحات ٍ
وأولاءُ حِزبي
وأنتِ الكِفافُ الذي لا يُكَفكفُ
أسميتكِ الأمرَ
هل نعَتِ القبراتُ الغيابَ الذي حلَّ ؟
أم كشفتْ جهة ً للتداول ِ وامتنعتْ بالسريرة ؟
أجفلتُ من قولك القول ِ
أو صمتِكِ الصمتِ
ها : نائمٌ في حريركِ ، محتضنٌ للعلامة ، مستأنِسٌ بالعَلمْ
....


** حبيبتي الدولة .... كتاب لمحمد العبد الله
*** في غربتين .. وحدي وغيابها .... من "أحوال العاشق" أحمد الشهاوي